محلل اقتصادي يعتبر نتائج التقرير مفاجئة وواقعية في آن ويشكك في نسب الفقر في المناطق الحضرية
أشار التقرير الوطني الثالث للأهداف التنموية الألفية في سورية الذي صدر مؤخرا بالتعاون بين هيئة تخطيط الدولة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أنه لم يحدث إلا تراجع طفيف في نسبة الفقر في الفترة بين عام 1997 و2007، في وقت ما زالت نسب الفقر لعام 2007 في المنطقة الشمالية الشرقية هي الأعلى, فيما اعتبر محلل اقتصادي ان الارقام التي خلص اليها التقرير مفاجئة وواقعية في الوقت نفسه, مشككا بنسبة الفقر في المناطق الحضرية.
وبيّن التقرير أن جهود خفض الفقر كانت أقل إيجابية في تحقيق الهدف الكمي والزمني للألفية وفق خط الفقر الأدنى وهو الأكثر ملاءمة لقياس الفقر الشديد في سورية، حيث تحسنت نسبة الفقر بشكل عام من 14.26% في عامي 96/97 إلى 12.3% في عامي 06/2007، أي ما يعادل 2.4 مليون نسمة في عام 2007.
في حين أن نسبة الفقر وفق خط الفقر الوطني الأعلى وصلت في عام 06/2007، إلى 33.6%، بعد أن سجلت 33.2% في عام 96/1997، ما يعني أن 6.7 ملايين من السوريين يعتبرون في عداد الفقراء وفق خط الفقر الأعلى في عام 2007، بعد أن وصل عددهم في السنوات الماضية الى 5.3 ملايين نسمة.
ويعرف خط الفقر الأعلى بأنه قيمة الإنفاق اللازم على أمور مثل السكن والمعيشة فيما الخط الأدنى يعرف بأنه قيمة الإنفاق اللازم لحصول الفرد على احتياجاته الأساسية الغذائية.
وقال المحلل والصحفي الاقتصادي عدنان عبد الرزاق لسيريانيوز إن "النتائج التي خلص إليها التقرير الوطني الثالث للأهداف التنموية الألفية، تعتبر مفاجئة وواقعية في آن، فالمفاجئة تأتت من خلال عدم القدرة على تخفيض نسبة الفقر وبالذات في منطقة الريف السوري، أما الواقعية لأنه كشف أرقاما ونسبا لم تتطرق إليها تقارير رسمية أخرى".
أما لجهة مصداقية الأرقام والنسب الواردة في التقرير، أشار عبد الرزاق إلى أن "ما بين أيدينا من معطيات وبخاصة أن منظمة أممية وهي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هي من قامت بإعداد التقرير وأشرفت عليه".
وكان التقرير اشار الى أن هناك تحسنا كبيرا في نسبة الفقر في الحضر وفقاً لخط الفقر الوطني الأدنى، حيث انخفضت النسبة من 12.6% إلى 9.9% بين عامي 96/1997 وعامي 06/2007، الأمر الذي جعل الفقر في سورية يتركز في المناطق الريفية بشكل أكبر من المناطق الحضرية، حيث بلغت نسبة الفقر في الريف 15.4%.
وأشار عبد الرزاق إلى أن "التقرير أوضح أن نسبة الفقر في المناطق الحضرية انخفضت من 12,6 إلى 9,9 خلال فترة البحث، بذلك اعترف التقرير بعجز المعنيين وأصحاب القرار عن تقليص نسبة الفقر في المناطق الريفية".
وتابع "إلا إنني كمراقب أشكك في النسبة التالية مستندا في تشكيكي إلى أن موجة التصحر والانحباس المطري والارتفاع الحرارة التي تعرضت لها سورية في السنوات الخمس الأخيرة، حيث ادى ذلك الى نزوح سكان الأرياف إلى المدن والمناطق الحضرية خلال هذه الفترة، ما يعني زيادة نسبة الفقر وليس تقلصه، لذلك أعتقد أن نسبة الفقر زادت إن لم أقل تضاعفت خلال السنوات الخمس الماضية".
وكان التقرير أظهر أن التغييرات المناخية الناجمة أساسا عن تدهور وخلل المنظومة البيئية أثرت في زيادة معدلات الفقر في سورية، حيث انخفضت معدلات هطل الأمطار خلال مواسم السنوات الماضية، مترافقة مع عواصف رملية قللت من المساحات المزروعة، وأسهم ذلك في تزايد نسب الفقر في ريف المنطقة الشرقية، وأدى ذلك إلى نزوح العديد من الأسر نحو الجنوب طلباً للعمل، ما أثر على نحو كبير في ديناميكيات الفقر.
واعتبر المحلل الاقتصادي أن "التقرير حاول تلطيف الفقر وخاصة في المناطق الريفية السورية، حينما أعاد نسبة الفقر كما كانت عليه، ربما لتعويله على الخطط التنموية السورية في البلاد، وخاصة الخطة الخمسية الحادية العشرة التي رصدت لها الكثير من الأموال والخطط، ما يزيد عن الخطة الخمسية العاشرة".
وبيّن أن "صاحب القرار في سورية أخذ في الاعتبار الظروف الجوية وتراجع الزراعة، لذلك وجه أنظار الرساميل والخطط إلى المناطق الريفية"، مضيفا أن "صاحب القرار كأنه يقوم بأفعال وبرامج احتياطية من شأنها أن تزيد من التنمية حتى إذا استمرت الظروف الجوية وتراجع الإنتاج الزراعي".
وتنتهي الخطة الخمسية العاشرة في نهاية العام الجاري، فيما بدأت الحكومة بإعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة إذ أشارت تقارير رسمية مؤخراً إلى أن الرؤية الإستراتيجية لهذه الخطة ستكون هي ذاتها في الخمسية العاشرة مع التركيز على بعض الأولويات ومنها إعادة تأهيل البنية التحتية في سورية، ورفع معدل النمو وخفض معدل البطالة، وزيادة حجم الاستثمار في الخطة القادمة إلى 140% عن الخطة الخمسية العاشرة عبر زيادة مساهمات القطاع الخاص.
كما أوضح التقرير أنه حدث تحسن واضح في فجوة الفقر على المستوى الوطني بين عام 1997 و2004، فقد انخفضت نسبة الفجوة من 2.88% إلى 2.13%، وحققت تحسناً آخر لتصل إلى 1.97% في عام 2007، وبذلك تم تجاوز الهدف المفترض الوصول إليه عام 2007 وقدره 2.1% على المستوى الكلي.
يشار إلى أنه ضمن ذلك يمكن تصنيف سورية ضمن مجموعة الدول التي حققت هذا الهدف قبل حلول عام 2015، كما أن خط الفقر الدولي الذي يبلغ 1.25 دولار في اليوم يعتبر منخفضاً جداً في سورية باعتبارها من البلدان متوسطة الدخل.