القطيفة Lover

أهلا وسهلا بك أخي الكريم أختي الكريمة اذا لم تسجل بعد بالمنتدى يمكنك التسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

القطيفة Lover

أهلا وسهلا بك أخي الكريم أختي الكريمة اذا لم تسجل بعد بالمنتدى يمكنك التسجيل

القطيفة Lover

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
القطيفة Lover

    اعتبروا يا ألي الأباب

    Administrator
    Administrator
    Admin


    عدد المساهمات : 569
    نقاط : 101592
    ضع تقييمك للمنتدى : 14
    تاريخ التسجيل : 13/01/2010
    العمر : 31
    الموقع : قلب أمي .....

    اعتبروا يا ألي الأباب Empty اعتبروا يا ألي الأباب

    مُساهمة  Administrator الخميس يناير 21, 2010 10:31 am

    انطلقت بسيارتي نحو المكان ، حيث الفجور ، والفسوق ، والعصيان ، وإذا بسيارتي تلهث ، وتتوقف ، وتأبى إلا الثبات ، ترجلت ، وفي غضب رحت اركلها ، وفي يأس رحت ألطمها، وفي استسلام رحت أتفل عليها ، فردت علي بوابل من الدخان الكثيف ملأ الأرجاء ، فتلاشيت فيه ، ورحت أذوب ، وأذوب ، وكاد يدركني اختناق ، وداهمني سعال ، فجثوت على الأرض وأنا أختنق ، ومن لهيب الشمس أصبحت أحترق ، واستسلمت لهلاكي ، وأنا أتمنى انتظار ، ومن هذا المأزق نجاة ، وغلبني النعاس ، فأغمضت عيني مستسلما.
    استيقظت ربما بعد لحظات ، أو ساعات ، ولا تزال سيارتي راقدة في ثبات ، ولا تزال الشمس في كبد السماء ، احترت في أمري ، حتى داهمني وحشاً مخيفاً رأيته من الأسفل لأول مرة ، ولكني سرعان ما أدركت إنها جاموسة ، بحلقت في مندهشة ، حتى قال سائقها في نفس دهشتها :
    - الجمعة يا أستاذ ؟! .... لا تفوتك بركتها .
    تحسست رأسي بإعياء ، وأصلحت هندامي باستعجال ، ووقفت متصنعاً الهمة والنشاط ، ورحت أخطو باحتاً عن فني سيارات ، ويخترق أم أذني صوت الآذان ، ولا عقل يجيب ، ولا قلب لهفان ، فأنا ربما لست بإنسان ، وأغلقت في وجهي كل الأبواب ، فكل أهل القرية في المسجد ، يؤدون شعائر الصلاة ، فرحت إلى المسجد عسى أن أقنع مصلح السيارات أن يأتي معي وسأهبه ما يشاء ، بل أكثر مما يشاء ، وبينما أناديه ببعض البحات ، والصفير والغمزات ، والتلويح ، والإشارات ، إذا بأحدهم يدفعني لداخل المسجد صائحاً :
    - لقد وصل الإمام ... أقيموا الصلاة .
    ارتجفت خيفة ، وأصابتني رعشة ، تلتها رجفات ، والناس في المسجد تدفعني نحو المنبر ، بكل خفة وحماس ، ولا جدوى من اعتراضي ، وتبخرت مقاومتي ، ووجدت قدمي على وجه المنبر ، يصافح أولى الدرجات ، تراجعت من فوري ، والتفت خلفي ، فالناس محتشدة ، وللصلاة مجتمعة ، وغاب الإمام ، فأصبحت أنا ذاك الإمام ، ولبأس الإمام ؟!
    نظرت إلى المنبر ، فرأيت عملاق ، وأنا قزم آن له أن يتسلق ذاك العملاق ، وداهمتني الذكريات ، ففي مثل هذا المكان وقف الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكثيراً من الصحابة ، وعدد غير محدوداً من الصالحين ، والأخيار ، وبت أتساءل إلى أين سوف تقودني الأقدار ؟! فأغمضت عيني وأنا أستحي من الرحمن ، وفاضت من عيني دموعاً ، اغتسلت بها ، وتطهرت من الآثام ، وتوضأت للصلاة ، ورحت أصعد الدرج وأنا في قلبي خفقان ، يكبر الرحمن ، حتى جلست على قمة المنبر ، وراح المؤذن ينادي ، مرة ثانية إلى الصلاة ، فتدافع إلى المسجد عشرات الأشخاص ، في ثياب بيض، وعلى رؤوسهم عمم خضراء ، ويشع من وجوههم نوراً ، تخشع له الأبصار ، استغربت ، واستعجب كل من رآهم ، فلم يكونوا من تلك الديار ، ولما انتهى الآذان ، قمت لأقول ، وعقلي دارك ، وقلبي عامر ، إلا أن لساني أبى الحراك ، وتقطعت أحبال حنجرتي الصوتية ، وكاد أن يصيبني إغماء ، فقبلت يدي شاكراً الرحمن ، وضربت على قلبي وأنا أجهش في البكاء ، وألوح بيدي ، وأشير بأصبعي ، أن وحدوا الله ، ورحت أتحسس شفتي ، وأبللهما بدموع الخشوع ، والرضوخ ، والخضوع ، والانصياع ، وتعالت في المسجد غمغمات ، فهمهمات ، حتى صار لغاط ، فرحت أشير بأصبعي لينظروا إلي ، وأنا أدعو للسماء ، ليفهمني كل هؤلاء ، وأنا لا زلت أجهش في بكاء ، ورفعت كفي متذللاً أن أدعوا الله ، فساد صمت ، تلاه سكون ، وراح كل من في المسجد يدعون .
    وقمت أقبل كفي ، أن الحمد لله ، وأنظر إلى السماء ، راجياً رحمة ، آملاً نجاة ، وأنا أشعر بروحي تحلق في السماء ، وكأن رحمة ما تحوطني ، ومغفرة أصابتني من الإله ، فرحت ابتسم ، وانتحب في آن ، وبينما ارفع كفي بالدعاء ، يصيح كل من في المسجد آميــــن ، وشعرت إني تحوصلت داخل ثوباً أبيضاً من النقاء ، ورحت أسموا نحو السماء ، وتقدس روحي حبيبها الإله ، وأدركت كم حقارتي ، وعظيم خسارتي ، من فعل الفسق ، والفجور ، والعصيان .
    ولما نزلت عن المنبر ، كان أهل القرية في المسجد يجهشون بالبكاء ، ويصيحون موحدين الإله ، ويمدحون خطبتي ؟! وأصلحت سيارتي ، وبدأت رحلتي ، ولم أنس ، ولن ينس ، أهل القرية ،يوم جاءهم ، الخطيب الأخرس ؟!
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فاعبروا يا ألي الأباب


    مع تحيات القيصر

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 1:55 am