الدردشة القاتلة!
"ياله من صباح مشؤوم.. معاينة جثة في الخامسة صباحاً!"
همس المحقق رونالد لنفسه، وهو يضع سماعة الهاتف، ثم انتزع جسده بصعوبة من سريره الدافئ.. ارتدى ملابسه، وتوجه مسرعاً نحو موقع الجريمة. بدت الحادثة لرونالد غير عادية، فهو لم يواجه جريمة قتل منذ عشر سنوات، فمدينته وديعة، وسكانها مسالمون.
استقبله رجال الشرطة بوجوم، وأبلغوه أنهم حضروا إلى المكان، بعد أن تلقوا هاتفاً من مجهول، أخبر فيه عن وجود جثة بين الأشجار في المنطقة، ثم قادوه إلى مكان الجثة، التي كانت محزومة ضمن كيس، وعندما فحصها تبين له، أنها لشاب مقتول بالرصاص.
تعرّف المحقق على هوية الشاب: الاسم برايان، أعزب في الثلاثين من العمر، يقطن في ضاحية قريبة من موقع الجريمة. وعندما اقتحم منزله برفقة رجال الشرطة، وجد الكمبيوتر شغالاً، وزر المودم الأحمر يفصح أنه لا زال مفتوحاً على شبكة إنترنت. فتح المحقق صندوق الرسائل الإلكترونية الواردة لبرايان (Inbox)، فوجده مليئا بالرسائل. انتقل سريعاً إلى أحدث رسالة واردة، فوجد أنها وصلت الساعة الخامسة وعشر دقائق من مساء أول أمس.. فتحها وقرأ نصها: "أعتذر عن مرافقتك، اذهب بمفردك وسوف أتحدث إليك لاحقاً، لأعرف ما دار بينكما.. سارة".
اتجه المحقق على الفور، نحو الهاتف والتقط دفتر الهاتف الخاص ببرايان، وتفحصه فعثر على اسم سارة جونسون ورقم هاتفها، فاتصل بها، وبعد أن عرّفها بنفسه، طلب مقابلتها لأمر عاجل. ولم ينس، قبل أن يغادر المنزل، أن يحجز جهاز الكمبيوتر، بهدف متابعة التحقيق في محتوياته.
وفي تمام الساعة الخامسة مساء كان رونالد في منزل سارة. وعندما التقى بها سألها:
هل تعرفين برايان؟
أجابت على الفور: نعم، ولكن، هل أصابه مكروه؟
فأبلغها أنه وجد مقتولاً، وأن تعاونها معه، سيساهم في الكشف عن القاتل.
وبنبرات الأسى والحزن أبدت سارة استعدادها للمساعدة في كل ما تعرفه، فتابع المحقق يسألها:
متى التقيت به آخر مرة؟
_ قبل ثلاثة أيام.
وآخر مرة تحدثت إليه هاتفياً؟
_ حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر أول أمس.
وهل تحدث هو إليك، بعد ذلك؟
_ لا.. اتصلت به مرتين، في اليوم ذاته ولم أجده، فأرسلت له رسالة عبر البريد الإلكتروني، أعتذر فيها عن موعد كان بيننا، ثم اتصلت البارحة عدة مرات بلا جدوى، وهذا ما أقلقني.
وهنا سألها المحقق:
كنت قد اعتذرت عن الذهاب معه إلى موعد معين، كما ورد في رسالتك، فما حقيقة الأمر؟
تنهدت سارة قائلة:
في الحقيقة، كنا على موعد لزيارة صديقنا داني، ولكنني، اعتذرت عن الذهاب بسبب شعوري بالإرهاق.
المحقق: لكن، يبدو واضحاً، أنه كان لديك فضول لمعرفة ما سيدور بينهما، فلماذا؟
أطرقت سارة قليلاً، ثم قالت: اهتمامي نابع من أنه كان اللقاء الأول بين داني وبرايان.
قال المحقق باستغراب: كيف؟ ألا يوجد معرفة سابقة بينهما؟
أجابت سارة: بل يعرفان بعضهما جيداً منذ حوالي الشهرين، من خلال غرف الدردشة في إنترنت، والتي كانت السبب الرئيسي في تعارفنا جميعاً. وقد أبدى داني حديثاً، رغبته في التعرف إلى برايان شخصياً، ودعاه إلى منزله.
المحقق: هل تعتقدين أن داني قتل برايان؟
سارة: أستبعد ذلك. فداني شخص لطيف، ولا أعرف سبباً يدفعه للقتل.
طلب المحقق من سارة عنوان داني، وحجز كمبيوترها، أيضاً، للتدقيق في محتوياته، ثم توجه مباشرة إلى منزل داني الذي لا يبعد كثيراً عن مكان اكتشاف الجثة.
عندما التقى المحقق بداني، سأله عن برايان، فأجاب أنه يعرفه من خلال غرف الدردشة عبر إنترنت، ولم يلتق به قط، في مكان آخر.
فقال المحقق: لكن لدي معلومات أنه زارك هنا في منزلك يوم مقتله، بناء على موعد حددته بنفسك عبر غرف الدردشة في إنترنت، وهذا ما أقرته صديقتك سارة.
اعترف داني بالموعد، ولكنه ادعى أن برايان تخلف عنه، بدون اعتذار.
وبتفتيش المنزل عثر المحقق على ثلاثة أجهزة كمبيوتر، فأمر بحجزها، للبحث فيها عما يفيد التحقيق في القضية.
ومن خلال البحث في أجهزة كمبيوتر داني، عثر المحقق على رسائل إلكترونية تشير إلى وجود علاقة عاطفية بين داني وسارة. وكشف البحث في كمبيوتري برايان وسارة، عن علاقة عاطفية، أيضاً، بينهما، وهذا ما دفع المحقق للشك، بأن الجريمة وقعت بسبب التنافس على سارة.
وأصبح لدى المحقق أسباب قوية للاعتقاد أن داني هو القاتل، ولكن كان ينقصه دليل مادي أو شاهد إثبات.
اتجه تفكيره للبحث عن الشخص الذي أبلغ الشرطة عن وجود الجثة، وبأنه لابد أن يكون على صلة قوية بداني.
فعاد إلى تحليل الرسائل الإلكترونية الخاصة بداني، واستعان بسارة، أيضاً، لمعرفة أكثر الأصدقاء قرباً منه، فتوصل إلى أنه
سام، الذي انهار أثناء بالتحقيق معه، واعترف أن داني، أبلغه أثناء حديثهما في غرفة دردشة خاصة عبر إنترنت، أنه تورط بقتل برايان، وطلب منه المساعدة في نقل الجثة. واعترف، أيضاً، أنه ذهب فعلاً إلى منزل داني وساعده في نقلها، ورميها في الأحراش. لكنه بعد ذلك لم يستطع النوم فنزل إلى الشارع، وتوجه إلى أقرب هاتف عمومي، واتصل بالشرطة وأبلغهم بوجود الجثة، في المكان المحدد.
وعندما واجه المحقق داني بهذه الأدلة، لم يبق أمامه سوى الاعتراف، مبرراً فعلته بحبه لسارة، التي لم يحب سواها على الرغم من بلوغه الأربعين من عمره، وبأنه عندما اكتشف أن علاقة سارة ببرايان تطورت باتجاه عاطفي، قرر وضع حد لهذه العلاقة وذلك بدعوتهما معاً لمنزله، ودفع سارة لاتخاذ موقف واضح من كليهما. وكان واثقاً أن سارة تحبه ولن تتخلى عنه، وهذا ما توقع أن تعلنه أمام برايان. لكن عدم حضورها أصابه بالتوتر، ودفعه للطلب من برايان الابتعاد عن سارة، لأنه يفكر في الزواج منها. وقال أنه ما كان من برايان إلا أن سخر منه، وأسمعه كلاماً قاسياً، مشيراً إلى أن علاقته بسارة غير متكافئة كونه في عمر والدها، وبالتالي من الأفضل أن يبتعد هو عن طريقهما، ويبحث عن امرأة تناسب كهولته، مما أفقده توازنه ودفعه إلى إطلاق النار عليه.
قضت المحكمة بالسجن عشر سنوات على داني بتهمة القتل غير العمد، وحكمت، أيضاً، بالسجن سنة واحدة على صديقه سام، لمساعدته في إخفاء معالم الجريمة.
"ياله من صباح مشؤوم.. معاينة جثة في الخامسة صباحاً!"
همس المحقق رونالد لنفسه، وهو يضع سماعة الهاتف، ثم انتزع جسده بصعوبة من سريره الدافئ.. ارتدى ملابسه، وتوجه مسرعاً نحو موقع الجريمة. بدت الحادثة لرونالد غير عادية، فهو لم يواجه جريمة قتل منذ عشر سنوات، فمدينته وديعة، وسكانها مسالمون.
استقبله رجال الشرطة بوجوم، وأبلغوه أنهم حضروا إلى المكان، بعد أن تلقوا هاتفاً من مجهول، أخبر فيه عن وجود جثة بين الأشجار في المنطقة، ثم قادوه إلى مكان الجثة، التي كانت محزومة ضمن كيس، وعندما فحصها تبين له، أنها لشاب مقتول بالرصاص.
تعرّف المحقق على هوية الشاب: الاسم برايان، أعزب في الثلاثين من العمر، يقطن في ضاحية قريبة من موقع الجريمة. وعندما اقتحم منزله برفقة رجال الشرطة، وجد الكمبيوتر شغالاً، وزر المودم الأحمر يفصح أنه لا زال مفتوحاً على شبكة إنترنت. فتح المحقق صندوق الرسائل الإلكترونية الواردة لبرايان (Inbox)، فوجده مليئا بالرسائل. انتقل سريعاً إلى أحدث رسالة واردة، فوجد أنها وصلت الساعة الخامسة وعشر دقائق من مساء أول أمس.. فتحها وقرأ نصها: "أعتذر عن مرافقتك، اذهب بمفردك وسوف أتحدث إليك لاحقاً، لأعرف ما دار بينكما.. سارة".
اتجه المحقق على الفور، نحو الهاتف والتقط دفتر الهاتف الخاص ببرايان، وتفحصه فعثر على اسم سارة جونسون ورقم هاتفها، فاتصل بها، وبعد أن عرّفها بنفسه، طلب مقابلتها لأمر عاجل. ولم ينس، قبل أن يغادر المنزل، أن يحجز جهاز الكمبيوتر، بهدف متابعة التحقيق في محتوياته.
وفي تمام الساعة الخامسة مساء كان رونالد في منزل سارة. وعندما التقى بها سألها:
هل تعرفين برايان؟
أجابت على الفور: نعم، ولكن، هل أصابه مكروه؟
فأبلغها أنه وجد مقتولاً، وأن تعاونها معه، سيساهم في الكشف عن القاتل.
وبنبرات الأسى والحزن أبدت سارة استعدادها للمساعدة في كل ما تعرفه، فتابع المحقق يسألها:
متى التقيت به آخر مرة؟
_ قبل ثلاثة أيام.
وآخر مرة تحدثت إليه هاتفياً؟
_ حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر أول أمس.
وهل تحدث هو إليك، بعد ذلك؟
_ لا.. اتصلت به مرتين، في اليوم ذاته ولم أجده، فأرسلت له رسالة عبر البريد الإلكتروني، أعتذر فيها عن موعد كان بيننا، ثم اتصلت البارحة عدة مرات بلا جدوى، وهذا ما أقلقني.
وهنا سألها المحقق:
كنت قد اعتذرت عن الذهاب معه إلى موعد معين، كما ورد في رسالتك، فما حقيقة الأمر؟
تنهدت سارة قائلة:
في الحقيقة، كنا على موعد لزيارة صديقنا داني، ولكنني، اعتذرت عن الذهاب بسبب شعوري بالإرهاق.
المحقق: لكن، يبدو واضحاً، أنه كان لديك فضول لمعرفة ما سيدور بينهما، فلماذا؟
أطرقت سارة قليلاً، ثم قالت: اهتمامي نابع من أنه كان اللقاء الأول بين داني وبرايان.
قال المحقق باستغراب: كيف؟ ألا يوجد معرفة سابقة بينهما؟
أجابت سارة: بل يعرفان بعضهما جيداً منذ حوالي الشهرين، من خلال غرف الدردشة في إنترنت، والتي كانت السبب الرئيسي في تعارفنا جميعاً. وقد أبدى داني حديثاً، رغبته في التعرف إلى برايان شخصياً، ودعاه إلى منزله.
المحقق: هل تعتقدين أن داني قتل برايان؟
سارة: أستبعد ذلك. فداني شخص لطيف، ولا أعرف سبباً يدفعه للقتل.
طلب المحقق من سارة عنوان داني، وحجز كمبيوترها، أيضاً، للتدقيق في محتوياته، ثم توجه مباشرة إلى منزل داني الذي لا يبعد كثيراً عن مكان اكتشاف الجثة.
عندما التقى المحقق بداني، سأله عن برايان، فأجاب أنه يعرفه من خلال غرف الدردشة عبر إنترنت، ولم يلتق به قط، في مكان آخر.
فقال المحقق: لكن لدي معلومات أنه زارك هنا في منزلك يوم مقتله، بناء على موعد حددته بنفسك عبر غرف الدردشة في إنترنت، وهذا ما أقرته صديقتك سارة.
اعترف داني بالموعد، ولكنه ادعى أن برايان تخلف عنه، بدون اعتذار.
وبتفتيش المنزل عثر المحقق على ثلاثة أجهزة كمبيوتر، فأمر بحجزها، للبحث فيها عما يفيد التحقيق في القضية.
ومن خلال البحث في أجهزة كمبيوتر داني، عثر المحقق على رسائل إلكترونية تشير إلى وجود علاقة عاطفية بين داني وسارة. وكشف البحث في كمبيوتري برايان وسارة، عن علاقة عاطفية، أيضاً، بينهما، وهذا ما دفع المحقق للشك، بأن الجريمة وقعت بسبب التنافس على سارة.
وأصبح لدى المحقق أسباب قوية للاعتقاد أن داني هو القاتل، ولكن كان ينقصه دليل مادي أو شاهد إثبات.
اتجه تفكيره للبحث عن الشخص الذي أبلغ الشرطة عن وجود الجثة، وبأنه لابد أن يكون على صلة قوية بداني.
فعاد إلى تحليل الرسائل الإلكترونية الخاصة بداني، واستعان بسارة، أيضاً، لمعرفة أكثر الأصدقاء قرباً منه، فتوصل إلى أنه
سام، الذي انهار أثناء بالتحقيق معه، واعترف أن داني، أبلغه أثناء حديثهما في غرفة دردشة خاصة عبر إنترنت، أنه تورط بقتل برايان، وطلب منه المساعدة في نقل الجثة. واعترف، أيضاً، أنه ذهب فعلاً إلى منزل داني وساعده في نقلها، ورميها في الأحراش. لكنه بعد ذلك لم يستطع النوم فنزل إلى الشارع، وتوجه إلى أقرب هاتف عمومي، واتصل بالشرطة وأبلغهم بوجود الجثة، في المكان المحدد.
وعندما واجه المحقق داني بهذه الأدلة، لم يبق أمامه سوى الاعتراف، مبرراً فعلته بحبه لسارة، التي لم يحب سواها على الرغم من بلوغه الأربعين من عمره، وبأنه عندما اكتشف أن علاقة سارة ببرايان تطورت باتجاه عاطفي، قرر وضع حد لهذه العلاقة وذلك بدعوتهما معاً لمنزله، ودفع سارة لاتخاذ موقف واضح من كليهما. وكان واثقاً أن سارة تحبه ولن تتخلى عنه، وهذا ما توقع أن تعلنه أمام برايان. لكن عدم حضورها أصابه بالتوتر، ودفعه للطلب من برايان الابتعاد عن سارة، لأنه يفكر في الزواج منها. وقال أنه ما كان من برايان إلا أن سخر منه، وأسمعه كلاماً قاسياً، مشيراً إلى أن علاقته بسارة غير متكافئة كونه في عمر والدها، وبالتالي من الأفضل أن يبتعد هو عن طريقهما، ويبحث عن امرأة تناسب كهولته، مما أفقده توازنه ودفعه إلى إطلاق النار عليه.
قضت المحكمة بالسجن عشر سنوات على داني بتهمة القتل غير العمد، وحكمت، أيضاً، بالسجن سنة واحدة على صديقه سام، لمساعدته في إخفاء معالم الجريمة.